في ظل التوسع في الخدمات المصرفية وانتشار القروض الشخصية بين الأفراد في السعودية، أصبحت مسألة تعثر سداد القروض الشخصية من أبرز التحديات التي تواجه العملاء والبنوك على حد سواء.
فالكثير من الأشخاص يلجؤون إلى القروض لتغطية احتياجاتهم المعيشية أو الالتزامات المالية الطارئة، لكن في بعض الحالات، يتعثر السداد لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو تنظيمية، ما يؤدي إلى تبعات قانونية ومالية قد تكون خطيرة إن لم يتم التعامل معها بحكمة ووعي.
في هذا المقال، سنوضح بصورة قانونية ومالية دقيقة ما المقصود بتعثر السداد، وأسبابه الحقيقية، والعقوبات النظامية المترتبة عليه في السعودية، مع طرح حلول ذكية للتعامل مع تعثر سداد القروض الشخصية بطريقة تحافظ على حقوق العميل وتجنّبه الوقوع في المخالفات أو الملاحقات القضائية.
يقدم المكتب خدمات استشارات قانونية شاملة ومراجعتها بالشكل القانوني الصحيح بطرق احترافية تضمن لك جميع حقوقك، لا تتردد وقم بالتواصل معنا الان.
تعثر سداد القروض الشخصية
يشير مصطلح تعثر سداد القروض الشخصية إلى الحالة التي يعجز فيها المقترض عن الالتزام بدفع الأقساط المستحقة للبنك أو الجهة التمويلية في المواعيد المحددة وفق العقد الموقع بين الطرفين.
ويُعد هذا التعثر مخالفة للعقد المالي المبرم، مما يتيح للبنك اتخاذ إجراءات نظامية لتحصيل المبلغ أو إعادة هيكلة الدين.
يمكنك التعرف أيضا على: لائحة التسوية الودية
الإطار القانوني لـ تعثر سداد القروض الشخصية
تخضع مسألة تعثر سداد القروض الشخصية في السعودية للائحة التنفيذية الصادرة عن البنك المركزي السعودي (ساما)، والتي تنص على ضرورة التزام العميل بسداد الالتزامات وفق الجدول الزمني المتفق عليه، مع أحقية البنك في اتخاذ إجراءات التحصيل في حال الإخلال بالعقد.
وجاء في تعليمات “ساما” بشأن التمويل المسؤول:
“يُحظر على البنوك اتخاذ إجراءات تعسفية ضد العميل المتعثر، ويُشترط أن يتم التواصل معه لإيجاد حلول بديلة مثل إعادة الجدولة أو منح فترة سماح، بما يتوافق مع وضعه المالي الفعلي.”
أسباب تعثر سداد القروض الشخصية
يمكن حصر أبرز أسباب تعثر سداد القروض الشخصية فيما يلي:
1. انخفاض الدخل أو فقدان الوظيفة
من أكثر الأسباب شيوعًا، حيث يفقد العميل مصدر دخله الأساسي ولا يتمكن من تغطية الأقساط الشهرية.
2. تعدد الالتزامات المالية
بعض العملاء يقعون في فخ الاقتراض من عدة جهات في وقت واحد، مما يؤدي إلى تراكم الديون وصعوبة إدارتها.
3. سوء التخطيط المالي
غياب الوعي المالي يؤدي إلى استهلاك القرض في نفقات غير ضرورية بدلًا من توجيهه لأهداف محددة.
4. الظروف الطارئة أو الصحية
مثل حالات المرض أو الحوادث أو الكوارث التي تستنزف الموارد المالية.
5. ارتفاع أسعار الفائدة أو تغيّر الشروط التعاقدية
قد يؤدي تعديل سعر الفائدة أو مدة السداد إلى زيادة العبء المالي على المقترض.
كيف تتعامل بذكاء مع تعثر سداد القروض الشخصية؟
- تواصل فورًا مع البنك: لا تنتظر تراكم الأقساط، فكل يوم تأخير يزيد من الفوائد والرسوم.
- اطلب إعادة جدولة القرض: وهي خطوة نظامية تسمح بتمديد مدة السداد وتقليل القسط الشهري.
- قدم إثباتًا للظروف المالية الطارئة: مثل فقدان الوظيفة أو المرض، حيث تتيح “ساما” للبنوك النظر فيها.
- تجنّب الاقتراض لتسديد قرض آخر: فهذا يزيد المديونية بدل أن يحل المشكلة.
- استعن بمستشار مالي أو قانوني: لفهم حقوقك والتفاوض باسمك مع البنك بطريقة رسمية.
عقوبة من لم يسدد قرض البنك العقاري
يُعد تعثر سداد القروض الشخصية أو العقارية من القضايا المالية التي تعالجها الأنظمة السعودية بدقة لتحقيق التوازن بين حقوق المقترض وحقوق الجهة الممولة.
وفي حالة تعثر سداد القرض العقاري، يخضع الأمر لضوابط نظامية خاصة تختلف عن القروض التجارية العادية نظرًا لطبيعة التمويل السكني.
الإطار النظامي
ينظم المسألة نظام صندوق التنمية العقارية، والذي نص في مادته (15) على أنه:
“في حال تأخر المقترض عن السداد في المواعيد المحددة، يجوز للصندوق اتخاذ الإجراءات النظامية لتحصيل المبالغ، بما في ذلك الحجز على العقار الممول أو خصم المبالغ المستحقة من أي مستحقات مالية للمقترض لدى الجهات الحكومية.”
وبذلك، يحق للبنك العقاري قانونيًا الحجز على العقار الممول أو جزء منه في حال ثبوت تعثر سداد القروض الشخصية أو العقارية، وذلك بعد إنذار المقترض ومنحه مهلة محددة لتسوية وضعه المالي أو إعادة جدولة القرض.
الحالات التي يُعفى فيها المقترض من السداد
نص النظام على حالات استثنائية يُعفى فيها العميل من تعثر سداد القروض الشخصية كاملًا أو جزئيًا، ومنها:
- الوفاة أو العجز الكلي الدائم، بعد إثبات الحالة بتقارير طبية معتمدة.
- الكوارث الطبيعية التي تتسبب في تدمير العقار أو فقدان قيمته.
- الظروف القهرية الخارجة عن إرادة المقترض، مثل فقدان مصدر الدخل بسبب سبب طارئ قهري.
وفي هذه الحالات، يشترط تقديم تقارير رسمية من الجهات المختصة لإثبات الحالة وضمان إعفاء نظامي معتمد.
نصيحة قانونية
عند مواجهة تعثر سداد القروض الشخصية أو العقارية، لا تنتظر حتى تتفاقم المشكلة، بل بادر فورًا بمراجعة الجهة الممولة واطلب “إعادة جدولة القرض” وفق المادة (18) من اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري.
هذه الخطوة النظامية تُمكّنك من تمديد فترة السداد أو تخفيض القسط الشهري، وتحميك من المخاطر القانونية مثل رفع دعوى قضائية أو الحجز على الممتلكات.
التعامل الذكي مع تعثر سداد القروض الشخصية يبدأ من التواصل المبكر والشفافية مع البنك، لا من التجاهل أو الهروب من الالتزام.

ما هي عقوبة تعثر سداد قرض؟
تختلف العقوبات باختلاف نوع القرض (شخصي – عقاري – تمويلي)، ولكن من حيث المبدأ، فإن تعثر سداد القروض الشخصية يُعامل كإخلال تعاقدي وليس كجريمة جنائية، ما لم يتضمن احتيالًا أو تزويرًا في المستندات.
عقوبة تعثر سداد القروض الشخصية من الناحية القانونية
بحسب تعليمات البنك المركزي السعودي:
“لا يجوز سجن العميل المتعثر في السداد إلا في الحالات التي يثبت فيها وجود نية احتيال أو تهرب متعمد، أما التعثر الناتج عن ظروف مالية فيُعالج عبر إجراءات مالية نظامية.”
وبذلك، فإن عقوبة تعثر سداد القروض الشخصية قد تكون مالية أو إجرائية فقط، وتشمل:
- إيقاف الخدمات الحكومية (مثل تجديد الجواز أو الرخصة).
- المنع من الحصول على تمويل جديد.
- إدراج العميل في قائمة “سمة” كمتخلف عن السداد.
- رفع دعوى تحصيل لدى المحكمة التنفيذية.
وفي حال صدور حكم تنفيذي، قد تُفرض إجراءات مثل الحجز على الحسابات البنكية أو الراتب بنسبة محددة وفق المادة (46) من نظام التنفيذ.
المادة (46) من نظام التنفيذ
“إذا لم ينفذ المدين خلال خمسة أيام من إبلاغه بأمر التنفيذ، فللقاضي اتخاذ إجراءات تشمل المنع من السفر والحجز على الأموال والمنقولات.”
وبالتالي، فإن تعثر سداد القروض الشخصية لا يؤدي للسجن مباشرة، وإنما تبدأ الإجراءات المالية أولًا، وتُتاح للعميل فرص التسوية القانونية قبل الوصول إلى العقوبة القصوى.
نصائح لتجنب تعثر سداد القروض الشخصية
يُعد تعثر سداد القروض الشخصية من أكثر المشكلات المالية شيوعًا بين الأفراد، وغالبًا ما يحدث بسبب ضعف التخطيط المالي أو زيادة الالتزامات دون حساب دقيق للقدرة على السداد.
إليك مجموعة من النصائح العملية لتجنّب الوقوع في هذا المأزق المالي:
1. ضع خطة مالية شهرية واضحة
قبل الحصول على أي قرض، احسب بدقة إجمالي دخلك الشهري مقابل التزاماتك الحالية، وتأكد أن القسط الشهري لا يتجاوز 30% من الدخل. فهذه النسبة الآمنة تقلل من خطر تعثر سداد القروض الشخصية.
2. تجنّب القروض المتعددة في الوقت نفسه
من أكثر أسباب تعثر سداد القروض الشخصية هو التوسع في الاقتراض من أكثر من جهة، ركّز على سداد القرض الحالي أولًا قبل التفكير في أي التزامات جديدة.
3. احتفِ بوجود صندوق طوارئ
خصص جزءًا من دخلك (من 5 إلى 10%) لتكوين صندوق طوارئ يغطي نفقات 3 إلى 6 أشهر من المعيشة، هذا الصندوق قد ينقذك في حال فقدان الوظيفة أو حدوث طارئ صحي دون أن تضطر إلى التأخر عن السداد.
4. استفد من برامج إعادة الجدولة
إذا واجهت ظروفًا طارئة تهدد قدرتك على السداد، تواصل مباشرة مع البنك لطلب “إعادة جدولة القرض”، هذه الخطوة تحميك من تصنيفك كمتعثر وتمنحك فرصة لتنظيم أمورك المالية مجددًا.
5. تجنّب الكفالة المالية دون دراسة
كثير من حالات تعثر سداد القروض الشخصية تحدث بسبب كفالة أشخاص غير ملتزمين بالسداد، لا توقّع كفالة إلا بعد التأكد التام من قدرة المكفول على الوفاء بالتزاماته.
6. تعلم إدارة أموالك واستثمر بذكاء
رفع الوعي المالي يساعدك على استغلال القروض لتحقيق أهداف إنتاجية بدلاً من الاستهلاك فقط، استثمار القرض في مشروع صغير أو مهارة قد يولد لك دخلاً إضافيًا يسهم في سداد القرض بسهولة.
7. نصيحة ختامية
إدارة القروض بذكاء لا تعني تجنب الاقتراض تمامًا، بل فهمه والتعامل معه بوعي والتزام، فكل قرض غير مُدار جيدًا هو قنبلة مالية موقوتة، لكن بتطبيق النصائح السابقة يمكنك تجنب تعثر سداد القروض الشخصية والمحافظة على سجل ائتماني نظيف.
يمكنك التعرف أيضا على: لائحة دعوى لجنة المنازعات المصرفية

ختاما، يمكن القول إن تعثر سداد القروض الشخصية ليس مجرد مشكلة مالية مؤقتة، بل قضية قد تمتد آثارها القانونية والائتمانية لسنوات إن لم تُدار بحكمة، الوعي بحقوقك والتزاماتك، وفهم الأنظمة المصرفية واللوائح التنظيمية، هو خط الدفاع الأول لتجنّب الوقوع في التعثر أو معالجته بطريقة نظامية تحفظ حقوقك.
إذا كنت تواجه تعثرًا في سداد القروض الشخصية أو ترغب في استشارة قانونية متخصصة حول كيفية التعامل مع الديون والبنوك وفق النظام السعودي، يمكنك التواصل مع فريقنا القانوني المختص.
سنساعدك في إعادة جدولة القروض، وحماية حقوقك النظامية، وتقديم المشورة القانونية التي تضمن لك أفضل الحلول دون الإضرار بسجلك الائتماني.
تواصل معنا الآن للحصول على استشارة قانونية فورية من محامين متخصصين في القضايا المالية والمصرفية، واستعد لتنظيم حياتك المالية بثقة وذكاء قبل أن يتحول التعثر إلى أزمة حقيقية.
أسئلة شائعة
هل يمكن التفاوض مع البنك بعد تعثر سداد القروض الشخصية؟
نعم، يمكن التفاوض مع البنك لجدولة القرض أو إعادة هيكلة الدفعات بما يتناسب مع الوضع المالي الحالي للعميل، وغالبًا ما يُفضل البنك الحلول الودية قبل اللجوء إلى الإجراءات القانونية، خاصة إذا أثبت العميل حسن النية في السداد.
هل يؤثر تعثر سداد القروض الشخصية على سجل سمة؟
بالتأكيد، يُسجّل تعثر سداد القروض الشخصية في نظام “سمة” الائتماني، مما يؤدي إلى انخفاض تقييمك المالي ويؤثر سلبًا على فرصك المستقبلية في الحصول على قروض أو تمويلات جديدة من البنوك.
كم المدة التي يُعتبر فيها العميل متعثرًا في سداد القرض؟
عادة يُعتبر العميل متعثرًا إذا تجاوز فترة التأخير المحددة في العقد (غالبًا 90 يومًا) دون سداد أي دفعة، لكن المدة الدقيقة تختلف حسب نوع القرض وسياسة الجهة الممولة.
هل يمكن رفع دعوى ضد البنك في حال وجود خطأ في احتساب الأقساط؟
نعم، يمكن رفع شكوى إلى البنك المركزي السعودي (ساما) أو التوجه للمحكمة المختصة في حال وجود مخالفات أو أخطاء حسابية أدت إلى تعثر سداد القروض الشخصية، شريطة وجود مستندات تثبت الخطأ.
هل يشمل الإعفاء من القروض حالات تعثر سداد القروض الشخصية؟
الإعفاء الكامل نادر ويقتصر على الحالات الإنسانية مثل الوفاة أو العجز الكلي، أما في باقي الحالات فيُسمح بإعادة الجدولة أو تخفيض الفوائد فقط، وليس الإعفاء الكلي من القرض.
للتواصل مع أفضل محامي في مكة ، وطرح ما لديك من تساؤلات عليه لا تتردد بالتواصل معنا
المصادر

