يُعد فهم معنى اختلاس في النظام السعودي خطوة أساسية لكل من يهتم بالقانون أو يعمل في المجالات المالية والإدارية، نظرًا لكون الاختلاس من أخطر الجرائم التي تمس الثقة العامة وتؤثر على نزاهة مؤسسات الدولة.
وقد نظم المشرّع السعودي هذه الجريمة ضمن نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام، كما أوردت بعض أحكامها أيضًا في نظام العقوبات السعودي لحماية المال العام من العبث والتبديد.
يقدم المكتب خدمات استشارات قانونية شاملة ومراجعتها بالشكل القانوني الصحيح بطرق احترافية تضمن لك جميع حقوقك، لا تتردد وقم بالتواصل معنا الان.
في هذا المقال سنقدم شرحًا تفصيليًا لـ معنى اختلاس من منظور قانوني مبسط، ثم نتناول الفرق بين الاختلاس وغيره من الجرائم المالية، ونستعرض النصوص النظامية التي تحدد العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس وفقًا للقوانين السعودية، مع تحليل أبرز الحالات الواقعية والنصائح القانونية لتجنّب الوقوع تحت طائلة المسؤولية.
معنى اختلاس
يُشير معنى اختلاس في الفقه الجنائي السعودي إلى الاستيلاء غير المشروع على مال منقول مملوك للدولة أو للأفراد، يكون الجاني قد أؤتمن عليه بحكم وظيفته أو صفته العامة.
أي أن الجريمة لا تتحقق إلا بتوافر صفة “الأمانة الوظيفية”، إذ إن الموظف هو الذي يقوم بالاستيلاء على المال العام أو الخاص الذي تحت يده نتيجة الثقة التي مُنحت له من جهة عمله.
وقد عرّف نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/49) لعام 1431هـ هذا السلوك بأنه:
“استيلاء الموظف العام أو من في حكمه على مال عام أو خاص وجده في حيازته بسبب عمله، بنية تملكه أو التصرف به خلافًا للأنظمة والتعليمات.”
بناءً على هذا التعريف، فإن معنى اختلاس لا يقتصر على مجرد أخذ المال، بل يشمل كل تصرف متعمد يؤدي إلى إخراج المال من ذمة الدولة أو الجهة الموكلة إلى ذمّة الجاني الشخصية.
يمكنك التعرف أيضا على: الفرق بين الاختلاس والاستيلاء
أركان جريمة الاحتلاس
يتضح من نص معنى اختلاس أن الجريمة تقوم على ثلاثة أركان رئيسية:
- صفة الجاني: أن يكون موظفًا عامًا أو مكلفًا بخدمة عامة.
- موضوع الجريمة: أن يكون المال العام في حيازة الجاني بسبب وظيفته.
- الركن المعنوي: نية التملك أو الاستعمال الشخصي مع العلم بعدم أحقيته في ذلك.
ويُظهر ذلك أن معنى اختلاس لا يُفهم فقط كجريمة مالية، بل كخيانة لواجب الأمانة والنزاهة التي تُعد أساس الثقة بين الدولة وموظفيها.
الاختلاس في النظام السعودي
عند الحديث عن معنى اختلاس في النظام السعودي، لا بد من العودة إلى نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام الذي يُعد المرجع النظامي الأساسي في هذا المجال.
فقد نصت المادة (1) من النظام على أن:
“كل موظف عام اختلس مالًا عامًا أو خاصًا وجد في حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالسجن مدة تصل إلى عشر سنوات وبغرامة تصل إلى مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.”
ويفهم من هذا النص أن المشرع السعودي تعامل مع معنى اختلاس باعتباره جريمة تمس نزاهة الوظيفة العامة، وتُعد من جرائم الفساد المالي والإداري، وليس مجرد جنحة مالية عابرة.
فالاختلاس يختلف عن السرقة في أن المال لم يُؤخذ خفية من الغير، بل كان في حيازة الجاني بطريق مشروع في البداية، ثم حوّله إلى مصلحته الخاصة بطريقة غير نظامية.
الفرق بين الاختلاس العام والاختلاس الخاص
يميز النظام بين الاختلاس العام والاختلاس الخاص:
الاختلاس العام
عندما يكون المال المختلس مملوكًا لجهة حكومية أو مؤسسة عامة.
الاختلاس الخاص
عندما يكون المال مملوكًا لفرد أو شركة، ويقع الجرم من شخص مُؤتمن عليه بسبب عمله أو صفته الوظيفية.
ويؤكد معنى اختلاس في هذا الإطار أن الجريمة تمثل اعتداءً على المال والثقة معًا، فهي ليست مجرد جريمة مالية، بل انحراف أخلاقي ووظيفي يُقوّض مبدأ الشفافية والنزاهة الذي تقوم عليه الأنظمة السعودية.
عقوبة الاختلاس في السعودية
يُعد تحديد العقوبة من أهم الجوانب لفهم معنى اختلاس في النظام السعودي، إذ يُظهر مدى جدّية الدولة في حماية المال العام والخاص من أي تجاوز.
وقد نصت المادة (2) من نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام على أن:
“كل من اشترك أو ساعد أو سهّل ارتكاب جريمة اختلاس يعاقب بالعقوبة ذاتها المقررة للجاني الأصلي.”
وتتراوح العقوبات وفق النظام بين:
- السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات.
- غرامة مالية تصل إلى مليون ريال سعودي.
- العقوبتان معًا في الحالات الجسيمة أو عند تعدد الأموال المختلسة.
ويُشدد القاضي العقوبة إذا ثبت أن الجاني استغل سلطته أو منصبه الرسمي لتحقيق مصلحة شخصية، لأن ذلك يُعد إخلالًا خطيرًا بالأمانة العامة.
كما يمكن للمحكمة أن تأمر برد الأموال المختلسة كاملة مع التعويض عن الأضرار التي لحقت بالجهة أو الأفراد المتضررين.
ومن الجدير بالذكر أن معنى اختلاس لا يقتصر على الجرائم التي تقع داخل الدوائر الحكومية فحسب، بل يشمل أيضًا الشركات الخاصة والمؤسسات الأهلية، خاصة بعد صدور نظام مكافحة الرشوة والفساد المالي الذي وسّع نطاق المساءلة ليشمل جميع من يتعامل بالمال العام أو أموال الغير بموجب وظيفة أو وكالة أو تفويض.
بهذا يتضح أن العقوبة في جريمة الاختلاس ليست فقط ردعًا للجاني، بل رسالة قانونية ومجتمعية واضحة بأن الأمانة فوق كل اعتبار، وأن النظام السعودي لا يتهاون في حماية المال العام.
الفرق بين الاختلاس والسرقة
من الضروري لفهم معنى اختلاس أن نُميّز بينه وبين جريمة السرقة، فهما جريمتان تتعلقان بالمال، لكن تختلفان جوهريًا من حيث الركن المادي والمعنوي.
أولًا: من حيث صفة الجاني
- في الاختلاس: الجاني يكون موظفًا عامًا أو مكلفًا بخدمة عامة، أي أنه مؤتمن على المال بحكم عمله أو صفته، ثم يعتدي عليه خفيةً أو عمدًا.
- أما في السرقة: فالجاني ليس له أي صفة شرعية أو نظامية تتيح له حيازة المال، بل يستولي عليه من حرزه دون إذن أو ولاية.
ثانيًا: من حيث طبيعة المال
- في جريمة الاختلاس، يكون المال بحوزة الموظف أصلًا نتيجة وظيفته، كأمين صندوق أو محاسب أو مسؤول مشتريات.
- أما في السرقة، فالمال يكون خارج حيازة الجاني، ويُنتزع من مالكه انتزاعًا غير مشروع.
ثالثًا: من حيث العقوبة
- عقوبة الاختلاس أشد، لأنها تمس الثقة العامة والوظيفة العامة، وتُعتبر خيانة للأمانة الموكلة إلى الموظف.
- بينما تُعد السرقة اعتداءً على حق الملكية الفردية فقط، لذا تكون عقوبتها أقل نسبيًا في بعض الحالات.
ويُستفاد من هذا الفرق أن معنى اختلاس يرتبط بمفهوم الخيانة الوظيفية، أي إساءة استعمال السلطة أو الولاية لتحقيق منفعة شخصية على حساب المصلحة العامة.
وقد شدّد النظام السعودي في هذا الجانب من خلال نصوص نظام مكافحة جرائم الفساد المالي والإداري، الذي يُجرّم كل من يُسيء استخدام المال العام بأي صورة كانت، سواء كانت سرقة، أو تلاعبًا، أو اختلاسًا.
الإجراءات القانونية في جرائم الاختلاس
لفهم معنى اختلاس من الناحية النظامية، لا بد من معرفة الخطوات القانونية التي تتبعها الجهات المختصة منذ اكتشاف الجريمة وحتى صدور الحكم النهائي.
النظام السعودي وضع آلية دقيقة تضمن العدالة والشفافية في مثل هذه القضايا، وتشمل المراحل التالية:
أولًا: مرحلة البلاغ والتحقيق الأولي
تبدأ القضية عادةً بتقديم بلاغ رسمي من جهة حكومية أو ديوان المراقبة أو أحد الأفراد، يفيد بوجود شبهة اختلاس في المال العام أو الخاص.
بعد ذلك، تُحال القضية إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) أو النيابة العامة، للتحقيق في مدى صحة البلاغ، وجمع الأدلة والمستندات المالية والمحاسبية الداعمة.
ثانيًا: التحقيق الرسمي
في هذه المرحلة، يتم استدعاء الموظف أو الجهة المشتبه بها لسماع أقوالهم، وتحليل المستندات، ومطابقة البيانات المالية مع السجلات الرسمية.
ويُعد الإقرار أو المستندات المحاسبية أهم الأدلة في تحديد معنى اختلاس وتكييفه القانوني، سواء كان عمديًا أو ناتجًا عن إهمال جسيم.
ثالثًا: الإحالة إلى المحكمة المختصة
بعد اكتمال التحقيق، تُحال القضية إلى المحكمة الجزائية إذا كانت تتعلق بموظف عام أو مال عام، أو إلى المحكمة التجارية في حال كان الاختلاس مرتبطًا بمال شركة خاصة.
وتنظر المحكمة في مدى تحقق أركان الجريمة الثلاثة: الركن المادي، والمعنوي، والوظيفي.
رابعًا: صدور الحكم والتنفيذ
في حال ثبوت الجريمة، يُصدر القاضي حكمه وفق المواد (30 إلى 32) من نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام، والذي قد يتضمن السجن، والغرامة، والعزل من الوظيفة، ورد المال المختلس.
ويُنفّذ الحكم بعد اكتسابه الصفة النهائية من محكمة الاستئناف.
خامسًا: رد الاعتبار
يجوز للمحكوم عليه طلب رد الاعتبار بعد تنفيذ العقوبة ومرور المدة القانونية، لكن تبقى آثار الجريمة الأخلاقية والوظيفية مؤثرة على سمعته وثقته في المجتمع.
وبذلك يتضح أن معنى اختلاس لا يقتصر على مجرد أخذ المال، بل يتضمن مسؤولية نظامية وجنائية كاملة تبدأ من لحظة الإخلال بالأمانة وتنتهي بالحكم القضائي الصادر وفق النظام.
نصائح قانونية لتجنّب جرائم الاختلاس
لفهم معنى اختلاس بشكل واقعي وتجنّب الوقوع في المخالفات، من المهم الالتزام ببعض الإرشادات القانونية العملية:
1. الشفافية المالية
يجب على الموظفين والمسؤولين الماليين توثيق كل عملية صرف أو استلام، حتى لا يُساء تفسيرها كاختلاس.
2. الرقابة الداخلية
على الجهات الحكومية والخاصة وضع أنظمة تدقيق ومراجعة مالية داخلية تضمن سلامة الأموال العامة والخاصة.
3. التدريب القانوني المستمر
من المهم أن يخضع العاملون في الإدارات المالية لدورات حول معنى اختلاس والعقوبات المرتبطة به.
4. الإبلاغ الفوري
في حال الاشتباه بأي عملية اختلاس، يجب التبليغ فورًا للجهات المختصة كهيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة”.
5. الاستعانة بمحامٍ مختص
يساعد المستشار القانوني على تفسير الأنظمة ذات العلاقة وتقديم المشورة القانونية المناسبة قبل اتخاذ أي إجراء مالي حساس.
باتباع هذه الخطوات، يمكن للأفراد والمنشآت حماية أنفسهم من المخاطر القانونية والمالية المرتبطة بجريمة الاختلاس.
يمكنك التعرف أيضا على: صيغة دعوى براءة ذمة
ختامًا، يتضح أن معنى اختلاس لا يقتصر على مجرد الاستيلاء على مالٍ ليس ملكًا للجاني، بل يمتد ليشمل كل تصرف غير مشروع يُخل بالأمانة ويعتدي على الثقة المالية بين الفرد وجهة عمله أو المجتمع، وتُولي الأنظمة السعودية — وعلى رأسها نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام — أهمية بالغة في حماية المال العام والخاص عبر فرض عقوبات صارمة ورادعة.
ولأن التعامل مع القضايا المالية يتطلب وعيًا قانونيًا دقيقًا، فإن الاستعانة بمحامٍ مختص في القضايا الجنائية أو المالية تُعد خطوة ضرورية لفهم معنى اختلاس من منظور قانوني ولضمان تطبيق الأنظمة بشكل سليم.
إذا كنت تواجه قضية تتعلق بالاختلاس أو ترغب في استشارة قانونية متخصصة لفهم تفاصيل معنى اختلاس والعقوبات المترتبة عليه، يمكنك التواصل مع فريقنا القانوني في مكتب المهلكي للمحاماة عبر موقعنا الإلكتروني للحصول على استشارة دقيقة تراعي الأنظمة السعودية وتضمن لك الحماية القانونية الكاملة.
أسئلة شائعة
هل يُعاقب المتدرب أو الموظف المؤقت إذا ارتكب اختلاسًا؟
نعم، فالعقوبة لا تتعلق بالصفة الوظيفية بقدر ما تتعلق بالفعل نفسه، وكل من تتوفر لديه صفة الحيازة على المال العام أو الخاص ثم يختلسه، تنطبق عليه أحكام النظام.
كيف يمكن إثبات جريمة الاختلاس؟
يتطلب إثبات معنى اختلاس وجود أدلة واضحة على نية التملك غير المشروع، كتحويل الأموال لحساب شخصي أو استخدام مستندات مزورة لإخفاء الفعل.
هل تسقط عقوبة الاختلاس بالتقادم؟
لا، لأن جرائم الاعتداء على المال العام مثل الاختلاس لا تسقط بالتقادم وفق السياسة التشريعية في السعودية، حفاظًا على المال العام ومبدأ النزاهة.
هل يشمل نظام مكافحة جرائم الاعتداء على المال العام القطاع الخاص؟
نعم، في حال كان المال مملوكًا لشركة مساهمة أو جهة خاضعة لإشراف الدولة، فإن الفعل يُعد جريمة اختلاس تُعاقب وفق النظام.
للتواصل مع أفضل محامي في مكة ، وطرح ما لديك من تساؤلات عليه لا تتردد بالتواصل معنا
المصادر
