يُعد شطب الدعوى للمرة الاولى من الإجراءات المهمة في النظام القضائي السعودي، فهو ليس مجرد إجراء شكلي، بل وسيلة لضبط سير العدالة وضمان جدية الأطراف في متابعة دعاواهم، ويُقصد به إلغاء الدعوى مؤقتًا من جدول القضايا إذا لم يحضر المدعي أو وكيله في الجلسة الأولى دون عذر مشروع، وفقًا لما نصت عليه المادة (55) من نظام المرافعات الشرعية.
يقدم المكتب خدمات استشارات قانونية شاملة ومراجعتها بالشكل القانوني الصحيح بطرق احترافية تضمن لك جميع حقوقك، لا تتردد وقم بالتواصل معنا الان.
في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل شطب الدعوى للمرة الاولى، ونوضح أحكامه وفق الأنظمة القضائية في السعودية، مع بيان الآثار المترتبة عليه، والفرق بينه وبين الحالات المشابهة، إضافةً إلى تقديم نصائح عملية للمدعين تساعدهم على تفادي هذا الإجراء وضمان سير دعواهم بالشكل الصحيح.
شطب الدعوى للمرة الاولى
يُقصد بـ شطب الدعوى للمرة الاولى الإجراء الذي تلجأ إليه المحكمة عندما يتغيب المدعي أو وكيله عن حضور الجلسة الأولى من المحاكمة دون عذر مشروع يبرر هذا الغياب، ويُعد هذا الإجراء من الوسائل النظامية التي تهدف إلى ضبط سير العدالة وضمان جدية الأطراف في متابعة القضايا.
يمكنك التعرف أيضا على: شروط قبول الدعوى المدنية
الأساس النظامي لـ شطب الدعوى للمرة الاولى
استند المنظم السعودي في تقرير هذا الإجراء إلى ما ورد في المادة (55) من نظام المرافعات الشرعية، والتي تنص على أنه:
“إذا لم يحضر المدعي ولا وكيله في الجلسة الأولى، تشطب الدعوى، ويجوز للمدعي أن يطلب إعادة قيدها.”
وهو ما يؤكد أن الشطب لا يُعتبر حكمًا موضوعيًا في أصل النزاع، وإنما إجراء مؤقت يحفّز المدعي على متابعة قضيته بجدية.
الآثار المترتبة على شطب الدعوى للمرة الاولى
- لا يُعتبر الشطب حكمًا نهائيًا في أصل الحق، وبالتالي يمكن إعادة تحريك الدعوى.
- يحق للمدعي طلب إعادة قيد الدعوى المشطوبة خلال نفس السنة القضائية.
- إذا تكرر غياب المدعي أكثر من مرة، قد تصدر المحكمة قرارًا بعدم سماع الدعوى، وهو ما يختلف عن الشطب الأول الذي يُعتبر بمثابة إنذار.
- يؤثر الشطب على مدة التقاضي، حيث يؤدي إلى تأخير البت في القضية ويضاعف من الأعباء الإجرائية على المدعي.
أهمية شطب الدعوى للمرة الاولى
تكمن أهمية شطب الدعوى للمرة الاولى في عدة اعتبارات عملية ونظامية، منها:
- ضمان جدية المدعي وعدم إطالة أمد النزاعات دون مبرر.
- المساهمة في تخفيف التكدس القضائي داخل المحاكم السعودية.
- حماية المدعى عليه من إطالة النزاع بغير مبرر، وتحقيق التوازن بين حقه في إنهاء الخصومة وحق المدعي في المطالبة بحقه.
- تعزيز الانضباط في الإجراءات القضائية من خلال إلزام الأطراف بمتابعة قضاياهم وفق الجداول الزمنية المقررة.
الفرق بين شطب الدعوى للمرة الاولى وترك الدعوى
رغم أن كلا الإجرائين يؤديان إلى وقف نظر الدعوى وعدم السير فيها، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما من حيث ما يلي:
1. من حيث المبادرة
- شطب الدعوى للمرة الاولى يتم بقرار من المحكمة تلقائيًا إذا غاب المدعي أو وكيله عن الجلسة الأولى دون عذر.
- ترك الدعوى يتم بناءً على طلب صريح من المدعي، يعبّر فيه عن رغبته في التنازل عن متابعة دعواه.
2. من حيث الآثار
- في شطب الدعوى للمرة الاولى لا يُعتبر الشطب حكمًا في الموضوع، ويحق للمدعي إعادة قيد الدعوى خلال نفس السنة القضائية.
- أما في ترك الدعوى، فغالبًا ما يُعد تنازلاً عن السير فيها، مما قد يُسقط الحق في إعادة تحريكها إلا إذا كانت قابلة لإعادة الرفع وفقًا للنظام.
3. من حيث الغاية النظامية
- شطب الدعوى للمرة الاولى يهدف إلى إلزام المدعي بالجدية في متابعة دعواه.
- ترك الدعوى يعكس رغبة المدعي الحرة في التراجع عن الاستمرار بالقضية.
4. من حيث موقف المدعى عليه
- في حالة الشطب لا يترتب على المدعى عليه التزام إضافي، لأن القضية مؤجلة مؤقتًا.
- في حالة الترك قد ينشأ للمدعى عليه حق في طلب الرسوم أو التعويض عن المصاريف، بحسب ملابسات القضية.
شطب الدعوى للغياب
يُعد الغياب أحد أهم الأسباب المؤدية إلى شطب الدعوى للمرة الاولى أو حتى في المرات اللاحقة، حيث أولى نظام المرافعات الشرعية السعودي عناية خاصة لحضور الخصوم وأهمية التزامهم بالمثول أمام المحكمة.
أولًا: غياب المدعي
- إذا غاب المدعي أو وكيله عن الجلسة الأولى دون عذر مشروع، فإن المحكمة تُقرر شطب الدعوى للمرة الاولى تطبيقًا للمادة (55) من نظام المرافعات الشرعية.
- أما إذا كان الغياب في جلسة لاحقة، فللمحكمة سلطة تقديرية في النظر إلى أسباب الغياب، فقد تُقرر الشطب مرة أخرى أو السير في الدعوى إذا كان هناك ما يبرر الغياب.
- من المهم أن يثبت المدعي عذره خلال فترة زمنية معقولة، وإلا أصبح قرار الشطب نافذًا.
ثانيًا: غياب المدعى عليه
- إذا تخلف المدعى عليه عن الحضور رغم تبليغه تبليغًا صحيحًا، فإن المحكمة تستمر في نظر الدعوى وتفصل فيها غيابيًا.
- الحكم الغيابي يُعد حكمًا كامل الأثر، لكنه قابل للاعتراض من خلال طرق الطعن المقررة مثل الاعتراض بطريق الاستئناف.
ثالثًا: إعادة قيد الدعوى
- يحق للمدعي طلب إعادة قيد الدعوى بعد شطبها، بشرط أن يتم ذلك خلال نفس السنة القضائية.
- يقدم الطلب للمحكمة مشفوعًا بالمبررات والمستندات، ويُقيد برقم جديد أو يُعاد تنشيط الملف الأصلي وفق النظام.
- إذا انقضت السنة القضائية دون إعادة القيد، يفقد المدعي حقه في استعادة الدعوى إلا من خلال رفعها من جديد.
رابعًا: الاستثناءات
- يراعي النظام بعض الحالات الاستثنائية التي قد تحول دون حضور المدعي، مثل المرض المثبت بتقرير طبي، أو ظروف القوة القاهرة كالحوادث والكوارث.
- في مثل هذه الحالات، للمحكمة أن تؤجل الجلسة بدلاً من الشطب، مراعاةً للعدالة وحمايةً لحق التقاضي.
الرسوم القضائية في حالة شطب الدعوى
تُعد الرسوم القضائية من المسائل المهمة التي تثير تساؤلات المتقاضين عند حدوث شطب الدعوى للمرة الاولى أو في المرات اللاحقة.
فالرسوم ليست مجرد إجراء مالي، بل هي وسيلة لضمان الجدية في رفع الدعاوى ومنع استغلال القضاء في النزاعات الكيدية أو غير الجادة.
أولًا: الأساس النظامي للرسوم
- أقر نظام الرسوم القضائية الصادر بالمرسوم الملكي (م/16) وتاريخ 30/1/1443هـ آلية واضحة لتحصيل الرسوم على الدعاوى والمطالبات.
- نصت المادة (13) من النظام على أن الرسوم تُستوفى عند رفع الدعوى، وأنها لا تُسترد في حال شطب الدعوى للمرة الاولى أو شطبها في أي مرحلة لاحقة.
ثانيًا: أثر شطب الدعوى للمرة الاولى على الرسوم
- عند شطب الدعوى، تُعتبر الرسوم المدفوعة غير قابلة للاسترداد، لأن رفع الدعوى قد استلزم جهدًا إداريًا وإجرائيًا من المحكمة.
- إذا أعاد المدعي قيد الدعوى بعد الشطب، فقد يُلزم بسداد رسوم جديدة، خاصة إذا كان ذلك في سنة قضائية أخرى.
ثالثًا: الاستثناءات من الرسوم
- في بعض الحالات الخاصة، مثل الدعاوى العمالية أو دعاوى الأحوال الشخصية، قد يُعفى المدعي من الرسوم وفقًا لما نصت عليه الأنظمة ذات العلاقة.
- كذلك، يمكن أن تُقرر المحكمة الإعفاء إذا أثبت المدعي عجزه المالي أو استند إلى نص نظامي يجيز له ذلك.
رابعًا: أهمية الرسوم في الحد من النزاعات الصورية
- وجود رسوم قضائية يُحفّز المدعين على التأكد من جدية دعواهم قبل رفعها.
- كما يساعد على تقليل الدعاوى الكيدية أو التي تُرفع دون نية حقيقية لمتابعتها، وهو ما يتضح في حالات شطب الدعوى للمرة الاولى نتيجة غياب المدعي.
شطب الدعوى للمرة الاولى في القضايا العمالية والأحوال الشخصية
يختلف تطبيق قاعدة شطب الدعوى للمرة الاولى باختلاف نوع الدعوى، إذ أن القضايا العمالية والأحوال الشخصية لها طبيعتها الخاصة التي جعلت المنظم السعودي يضع لها بعض الاستثناءات أو الضوابط الإجرائية المميزة.
شطب الدعوى للمرة الاولى في القضايا العمالية
- نصت المادة (80) من نظام العمل السعودي على أن العامل وصاحب العمل لهما الحق في اللجوء إلى المحكمة العمالية لفض النزاعات.
- عند تطبيق قاعدة شطب الدعوى للمرة الاولى في القضايا العمالية، فإن المحكمة تراعي حقوق العامل أكثر، نظرًا لكونه الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية.
- إذا غاب العامل عن الجلسة الأولى دون عذر، قد يتم شطب الدعوى، ولكن يظل من حقه إعادة قيدها خلال المدة النظامية. أما إذا كان الغياب من جهة صاحب العمل، فإن المحكمة قد تنظر الدعوى في غيبته حفاظًا على حقوق العامل.
شطب الدعوى للمرة الاولى في قضايا الأحوال الشخصية
- وفقًا لنظام الأحوال الشخصية الصادر عام 2022، فإن القضايا الأسرية مثل النفقة، الحضانة، الطلاق تُعطى عناية خاصة.
- إذا غاب المدعي (مثل الزوجة المطالبة بالنفقة) عن الجلسة الأولى، يتم تطبيق شطب الدعوى للمرة الاولى وفق المادة (55) من نظام المرافعات الشرعية، إلا أن المحكمة تراعي الأعذار المقبولة كالمرض أو القوة القاهرة.
- أما إذا غاب المدعى عليه (كالزوج الممتنع عن النفقة)، فتنظر المحكمة الدعوى في غيبته حمايةً للطرف المتضرر.
رغم أن شطب الدعوى للمرة الاولى قاعدة عامة تطبق في جميع الدعاوى، إلا أن المحاكم العمالية والأحوال الشخصية تراعي خصوصية النزاعات فيها، وتوازن بين حق المدعي في المطالبة وضرورة الحفاظ على حقوق الطرف الآخر، بما يضمن العدالة وتحقيق المقاصد الشرعية والنظامية.
نصائح قانونية لتجنب شطب الدعوى للمرة الاولى
- الالتزام بحضور الجلسات: يجب على المدعي أو وكيله حضور الجلسة الأولى مهما كانت الظروف، أو تقديم طلب تأجيل مسبقًا.
- متابعة الإشعارات: التحقق المستمر من التبليغات عبر بوابة “ناجز” لتفادي الغياب غير المبرر.
- توكيل محامٍ مختص: يضمن المحامي متابعة الدعوى وتقديم الأعذار النظامية عند الحاجة.
- توثيق الأعذار: في حال وجود عذر مشروع، يجب تقديم ما يثبت ذلك مثل تقارير طبية معتمدة.
- الاستشارة القانونية: ينصح بالتواصل مع مكتب محاماة متخصص قبل رفع الدعوى للتأكد من استيفاء كافة المتطلبات النظامية.
يمكنك التعرف أيضا على: الغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى
ختاما، إن شطب الدعوى للمرة الاولى لا يعني ضياع الحق، وإنما هو تنبيه قانوني للمدعي بضرورة متابعة قضيته بجدية، إلا أن تكرار الغياب أو الإهمال قد يؤدي إلى فقدان الحق في سماع الدعوى.
لذلك، من المهم الالتزام بالإجراءات النظامية، والاستعانة بأهل الخبرة من المحامين لتفادي الوقوع في أخطاء إجرائية قد تكلف الكثير.
للحصول على استشارة قانونية متخصصة بشأن شطب الدعوى للمرة الاولى أو أي إجراء قضائي آخر، يمكنكم التواصل مع مكتبنا القانوني عبر موقعنا الإلكتروني.
أسئلة شائعة
ما الفرق بين شطب الدعوى للمرة الاولى وبين رفض الدعوى؟
شطب الدعوى للمرة الاولى هو إجراء شكلي يصدر بسبب غياب المدعي أو وكيله عن الجلسة الأولى، بينما رفض الدعوى يكون قرارًا موضوعيًا بعد نظر القاضي في الدعوى وأساسها.
الفرق الجوهري أن الشطب لا يمنع إعادة قيد الدعوى خلال المدة المقررة، في حين أن الرفض يمنع من المطالبة بنفس الحق إلا وفق شروط نظامية جديدة.
هل يؤدي شطب الدعوى للمرة الاولى إلى سقوط الحق القانوني للمدعي؟
لا، شطب الدعوى للمرة الاولى لا يُسقط الحق القانوني نفسه، وإنما يُعد تأجيلًا لنظر الدعوى، يظل الحق محفوظًا للمدعي، ولكن عليه إعادة قيد الدعوى خلال السنة القضائية، وإلا عُدّ الحق في المطالبة أمام المحكمة مسقطًا شكليًا.
كيف يمكن للمدعي إعادة قيد الدعوى بعد شطبها؟
بعد شطب الدعوى للمرة الاولى، يحق للمدعي أو وكيله التقدم بطلب رسمي إلى المحكمة لإعادة قيد الدعوى، وذلك من خلال بوابة ناجز الإلكترونية أو الحضور شخصيًا لمكتب إدارة القضايا، بشرط ألا تكون المدة القانونية قد انقضت.
هل تختلف إجراءات شطب الدعوى للمرة الاولى في القضايا العمالية أو الأسرية؟
نعم، فرغم أن القاعدة العامة واحدة، إلا أن بعض الأنظمة الخاصة مثل نظام العمل أو نظام الأحوال الشخصية قد تضع ترتيبات مختلفة تراعي خصوصية هذه القضايا، كإمكانية التأجيل لمرات محدودة أو إلزام المدعى عليه بمحاولات صلح قبل الشطب النهائي.
هل تفرض رسوم جديدة عند إعادة قيد الدعوى بعد شطب الدعوى للمرة الاولى؟
في حال شطب الدعوى للمرة الاولى، يحق للمدعي إعادة قيدها خلال السنة القضائية، وغالبًا ما تُفرض رسوم جديدة عند إعادة القيد باعتبارها معاملة قضائية مستقلة.
وتحدد قيمة الرسوم وفق الأنظمة القضائية المعمول بها، مما يجعل من الضروري أن يكون المدعي على دراية بالتكاليف المترتبة قبل تقديم طلب إعادة القيد.
للتواصل مع أفضل محامي في مكة ، وطرح ما لديك من تساؤلات عليه لا تتردد بالتواصل معنا
المصادر