في النظام القضائي، تُعد صفة المدعى عليه في الدعوى من الشروط الأساسية التي لا يمكن إغفالها عند تقديم أي دعوى أمام المحكمة، إذ لا يُقبل نظر الدعوى من الأساس ما لم يكن المدعى عليه ذا صفة قانونية صحيحة تجعله محلًا للمطالبة القضائية.
يقدم المكتب خدمات استشارات قانونية شاملة ومراجعتها بالشكل القانوني الصحيح بطرق احترافية تضمن لك جميع حقوقك ، لا تتردد وقم بالتواصل معنا الان .
في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل مفهوم صفة المدعى عليه في الدعوى، وما هي الأنواع المختلفة للصفة، والشروط النظامية لقبول الدعوى، إضافة إلى أخطاء شائعة تقع فيها بعض الأطراف عند رفع الدعوى القضائية، وأهم الحلول النظامية المتاحة لتصحيح هذه الأخطاء. كما سنتناول اجتهادات المحاكم السعودية ذات العلاقة وأهم النصوص النظامية الداعمة.
ما المقصود بـ صفة المدعى عليه في الدعوى؟
يقصد بعبارة صفة المدعى عليه في الدعوى أن يكون الشخص الموجهة ضده الدعوى هو الطرف الصحيح الذي له علاقة قانونية بموضوع النزاع. ويُعد هذا شرطًا شكليًا لقبول الدعوى، فإن لم تتوفر الصفة في المدعى عليه، يتم الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
يمكنك التعرف أيضا على: ماهي اسانيد الدعوى
وفقًا للمادة (84) من نظام المرافعات الشرعية:
“يجب أن تلتزم المحكمة بنظر الطلبات الأصلية المقدمة من الخصوم، دون الخروج عن نطاقها، وعلى القاضي التحقق من صفة الخصوم في الدعوى”.
وعلى سبيل المثال، لا يصح رفع دعوى فسخ عقد إيجار على شخص لا تربطه صلة قانونية بالعقد، أو رفع دعوى مطالبة مالية ضد من ليس هو المدين الحقيقي.
لماذا تعتبر صفة المدعى عليه مسألة جوهرية في الدعوى؟
تكمن أهمية صفة المدعى عليه في الدعوى في الآتي:
- تجنب إهدار وقت وجهد القضاء في النظر في خصومة باطلة.
- احترام حقوق الأفراد وعدم زجّ من لا علاقة له بالنزاع في ساحات القضاء.
- حماية النظام القضائي من العبث والدعاوى الكيدية.
- التحقق من جدية الدعوى واستيفائها لشروطها الشكلية الجوهرية.
وبالتالي، فإن تحقق هذه الصفة يُعد أحد أركان الدعوى الأساسية، ويتوقف عليه قبول الدعوى شكلاً والنظر فيها موضوعًا.
ما هي أنواع الصفة في الدعوى؟
يمكن تصنيف الصفة في الدعوى إلى أنواع متعددة، سواء للمدعي أو المدعى عليه، وذلك بحسب الأساس القانوني للعلاقة:
1. الصفة الأصلية
وهي أن يكون الشخص هو صاحب الحق أو الالتزام محل الدعوى، كأن يُقاضى مالك العقار بسبب مخالفات بناء، أو يُقاضى المدين في دعوى مطالبة.
2. الصفة النيابية
وهي أن يمثل الشخص جهة أخرى بموجب وكالة، ولاية، وصاية، أو تفويض قانوني، كأن يُقاضى الولي الطبيعي باسم القاصر، أو تُقاضى الشركة من خلال ممثلها النظامي.
3. الصفة الاعتبارية
عندما تكون جهة المدعى عليه شخصية اعتبارية مثل شركة أو مؤسسة أو جهة حكومية، ويجب تحديد الممثل القانوني لها بدقة.
4. الصفة العرضية
وهي حالات نادرة، مثل إدخال خصم ثالث أثناء سير الدعوى، ويكون وجوده مرتبطًا بالنزاع الأصلي دون أن يكون طرفًا رئيسيًا في الدعوى منذ البداية.
شروط قبول الدعوى في النظام السعودي
ينص نظام المرافعات الشرعية السعودي على مجموعة من الشروط التي يجب توافرها لقبول الدعوى، ومنها:
- الصفة: يجب أن يكون لكل من المدعي والمدعى عليه صفة قانونية في النزاع.
- المصلحة: أن تكون للمُدّعي مصلحة قائمة ومشروعة.
- الجدية: ألا تكون الدعوى كيدية أو صورية.
- الأهلية: أن يكون أطراف الدعوى ممن يملكون الأهلية القانونية للتقاضي.
وقد جاء في أحد مبادئ المحكمة العليا السعودية:
“لا تُقبل الدعوى إلا من ذي صفة، على ذي صفة، في شأن ذي مصلحة يُقرها النظام”.
وهذا يرسّخ ضرورة التحقق من الصفة كشرط أساسي.
الأساس النظامي لشرط الصفة في النظام السعودي
تدعم الأنظمة القضائية السعودية شرط الصفة بعدد من النصوص النظامية المهمة، منها:
- نظام المرافعات الشرعية (المادة 84): “يجب على المحكمة أن تقتصر في حكمها على الطلبات التي قدمت لها”.
- نظام المرافعات الشرعية (المادة 64): عن صحة الخصومة وضرورة توافر الصفة.
- نظام الإجراءات الجزائية (المادة 181): يسمح بتعديل وصف الجريمة بشرط إبلاغ المتهم ومنحه فرصة للدفاع.
- اجتهادات المحكمة العليا: تؤكد على مبدأ “حرية القاضي في تكييف الدعوى بشرط عدم المساس بطلبات الخصوم”.
أثر الصفة في الدعاوى الإدارية
تُعد الصفة في الدعاوى الإدارية من أبرز الأسس التي يُبنى عليها قبول الطعون ضد الجهات الحكومية، حيث يشترط أن يكون المدعى عليه هو الجهة الإدارية المختصة مباشرة باتخاذ القرار المطعون فيه.
مثلًا: لا يمكن توجيه الدعوى ضد “وزارة التعليم” إذا كان القرار صدر من “إدارة التعليم في محافظة محددة”، دون إثبات أن الإدارة تصرفت بناءً على توجيه مباشر من الوزارة.
كما أكدت محكمة الاستئناف الإدارية بالرياض في أحد أحكامها:
“إذا رفعت الدعوى ضد جهة غير مختصة نظامًا بإصدار القرار محل الطعن، وجب الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة”.
أثر الصفة في الدعاوى الجنائية
في القضايا الجنائية، تظهر أهمية الصفة في تحديد من يجوز محاكمته عن الجريمة، ومن يُمكن أن يُطالَب بالتعويض في الدعوى التابعة للحق الخاص. ويُسمح بتغيير وصف الجريمة وفقًا لنص المادة (181) من نظام الإجراءات الجزائية، بشرط إعلام المتهم وإتاحة الفرصة له للدفاع.
وفي مثال قضائي:
حكمت المحكمة الجزائية بعدم قبول دعوى الحق الخاص ضد أحد المتهمين لعدم ثبوت صلته الفعلية بالواقعة رغم ذكر اسمه في التحقيقات، لعدم تحقق صفة المدعى عليه القانونية.
اجتهادات قضائية سعودية في مسألة الصفة
من الاجتهادات القضائية اللافتة:
- قرار محكمة الاستئناف بالرياض (1439 هـ):
“عدم توفر الصفة لدى المدعى عليه يجرد الدعوى من خصم حقيقي، مما يوجب الحكم بعدم قبولها شكلاً”.
- حكم محكمة الاستئناف بمكة (1441 هـ):
“لا يجوز مقاضاة ممثل الجهة بصفته الشخصية عن تصرف قانوني صدر منه بصفته الرسمية”.
- مبدأ قضائي مستقر:
“حرية القاضي في تكييف الدعوى قائمة، بشرط عدم المساس بالطلبات الجوهرية المقدمة من الخصوم”.
ما الفرق بين الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة ورفض الدعوى؟
يخلط البعض بين الحكم بعدم قبول الدعوى بسبب الصفة والحكم برفض الدعوى. وفي الحقيقة:
عدم القبول: يكون بسبب خلل شكلي مثل رفع الدعوى على غير ذي صفة.
الرفض: يكون بعد مناقشة موضوع الدعوى وصدور حكم نهائي بشأنها.
وبالتالي، فإن صفة المدعى عليه في الدعوى تلعب دورًا حاسمًا في استمرار الدعوى أمام المحكمة أو إنهائها منذ بدايتها.
أخطاء شائعة في تحديد صفة المدعى عليه
- رفع الدعوى على شخص غير معني بالعقد أو الالتزام.
- تجاهل تحديد الصفة النظامية للمؤسسات أو الشركات.
- رفع الدعوى ضد موظف بدلاً من الجهة الحكومية المختصة.
- اعتماد أوراق غير محدثة في إثبات الوكالة أو الولاية.
هل يمكن تصحيح صفة المدعى عليه في حال الخطأ؟
نعم، يمكن تصحيح صفة المدعى عليه في الدعوى إذا تبين أثناء المحاكمة أن الدعوى رُفعت على غير ذي صفة، فيجوز للمحكمة أن تمكّن المدعي من تعديل دعواه وإدخال الخصم الصحيح، بشرط أن يتم ذلك قبل قفل باب المرافعة.
وفي حال رُفعت الدعوى على جهة بدون تحديد الممثل القانوني، يجوز توجيه الطلب للمحكمة لإلزام الخصم بتحديد ممثله القانوني.
نصائح قانونية لتجنب رفع الدعوى على غير ذي صفة
- مراجعة المستندات القانونية بعناية.
- التحقق من السجلات التجارية والرسمية.
- الاستعانة بمحامٍ لتقييم الصفة قبل رفع الدعوى.
- التأكد من أهلية الخصم وصفته القانونية أو الاعتبارية.
يمكنك التعرف أيضا على: الفرق بين رد الدعوى ورفض الدعوى
ختاما، إن صفة المدعى عليه في الدعوى ليست مجرد مسألة إجرائية، بل هي أحد الشروط الجوهرية لقبول أي دعوى قضائية. وعلى من يرغب في رفع دعوى أن يتأكد أولًا من تحديد المدعى عليه الصحيح الذي تربطه علاقة مباشرة بموضوع النزاع. تجاهل هذا الشرط يؤدي إلى ضياع الجهد والوقت، بل قد يُعرّض الدعوى للرد الشكلي من المحكمة.
ولذلك، ننصح دائمًا بالتحري الدقيق عند رفع الدعاوى، والاستعانة بمحامٍ متمرس لضمان صحة الخصومة وصحة الصفة، بما يحقق العدالة ويحفظ الحقوق.
أسئلة شائعة
هل يمكن تصحيح الصفة في مرحلة الاستئناف؟
نعم، يمكن تصحيح صفة المدعى عليه إذا ثبت وجود خطأ مادي في تحديده، بشرط عدم المساس بجوهر المطالبة. وقد أجازت المحكمة العليا هذا في بعض حالات النزاع الإداري والحقوقي.
هل التكييف يؤثر في قبول الدعوى شكلاً؟
نعم، فالتكييف القانوني للدعوى يسهم في تحديد ما إذا كان المدعى عليه هو الطرف الصحيح. تكييف خاطئ قد يؤدي إلى رفع الدعوى على غير ذي صفة.
هل يمكن تصحيح التكييف في مرحلة الاستئناف؟
نعم، بشرط ألا يؤدي إلى تغيير الخصم أو المساس بمبدأ المواجهة بين الأطراف.
للتواصل مع أفضل محامي في مكة ، وطرح ما لديك من تساؤلات عليه لا تتردد بالتواصل معنا
المصادر