تُعتبر جريمة قذف المحصنات من الجرائم الخطيرة التي تهدد نسيج المجتمع الإسلامي، نظرًا لما تسببه من إساءة جسيمة لشرف المرأة وكرامتها، بالإضافة إلى كونها اعتداءً واضحًا على الأعراض المحفوظة والمصونة وفقًا للشريعة.
يقدم المكتب خدمات استشارات قانونية شاملة ومراجعتها بالشكل القانوني الصحيح بطرق احترافية تضمن لك جميع حقوقك ، لا تتردد وقم بالتواصل معنا الان .
في هذا المقال، سنستعرض عقوبة قذف المحصنات في الشريعة الإسلامية والنظام القانوني في المملكة العربية السعودية، ونوضح خطورة هذه الجريمة على الأفراد والمجتمع.
تعريف قذف المحصنات
قذف المحصنات من الجرائم التي تمس العرض والشرف، والتي جاءت الشريعة الإسلامية بتحريمها وتحذير الناس منها، لما لها من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، ولما تحمله من ظلم وعدوان على الأبرياء. والمحصنات هن النساء العفيفات الطاهرات اللواتي لم يعرفن بالفاحشة، والقذف هو اتهام المرأة بالزنا أو الفاحشة دون بينة أو دليل شرعي. وهو من الكبائر التي تهز كيان المجتمعات وتسبب في تفكك العلاقات وقطع الأواصر.
لقد عظم الإسلام من شأن الأعراض، وجعل صونها من الضروريات الخمس التي لا تستقيم حياة الناس بدونها. ولذلك، فقد شددت النصوص الشرعية على النهي عن قذف المحصنات العفيفات، وبيّنت ما يترتب عليه من عقوبة قذف المحصنات والحدود التي تردع كل من تسوّل له نفسه الطعن في أعراض الآخرين، سواء بدافع الكراهية أو الغيرة أو حتى المزاح الثقيل.
وفي عصرنا الحالي، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح قذف المحصنات يتخذ صورًا أكثر تعقيدًا وخطورة. فكلمة تُكتب أو تُنشر على منصات الإنترنت يمكن أن تنتشر بين آلاف الناس خلال لحظات، وتُحدث دمارًا نفسيًا واجتماعيًا للمقذوفة، حتى لو لم يكن لها أساس من الصحة.
يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي
عقوبة قذف المحصنات
تبنّى النظام السعودي تطبيق الأحكام الشرعية المتعلقة بالقذف والسب، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالمحصنات الغافلات، وذلك لحمايتهن وصيانة المجتمع من الانزلاق نحو الفوضى الأخلاقية.
عقوبة قذف المحصنات تُعد من أشد العقوبات في الإسلام والقانون السعودي على حد سواء، نظرًا لخطورة هذه الجريمة ونتائجها على الفرد والمجتمع. فالقذف ليس مجرد إهانة لفظية، بل هو اتهام خطير يطال شرف المرأة، وقد يؤدي إلى تدمير سمعتها وحياتها الأسرية والاجتماعية.
عقوبة قذف المحصنات في الشريعة الإسلامية
في الشريعة الإسلامية، وردت عقوبة قذف المحصنات في سورة النور، حيث قال الله تعالى:
“والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون” [النور: 4[.
مراحل عقوبة قذف المحصنات
وتتمثل عقوبة قذف المحصنات في ثلاث مراحل:
- الجلد ثمانين جلدة: وهو الحد الذي فرضه الله تعالى على القاذف إذا لم يأتِ بأربعة شهداء على ما رمى به المرأة.
- عدم قبول شهادته: يُعد القاذف ساقط العدالة ولا تُقبل له شهادة في المحاكم.
- الحكم عليه بالفسق: أي خروجه عن طاعة الله، وهو أمر يحمل دلالات دينية واجتماعية خطيرة.
أما في القانون السعودي، والذي يستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، فقد أدرجت جريمة قذف المحصنات ضمن الجرائم الكبيرة التي تستوجب التعزير، ويُعاقب مرتكبها بالجلد، والسجن، والغرامة، حسب ظروف القضية ومدى الضرر الذي وقع على المجني عليها.
كما يمكن أن تُفرض عليه عقوبة قذف المحصنات الإضافية إذا تم القذف عبر وسائل الإعلام أو الإنترنت، لما لذلك من تأثير أوسع على السمعة.
عقوبة القذف والسب في الإسلام
لقد جاء الإسلام بمنظومة متكاملة تحمي الكرامة الإنسانية وتصون الأعراض، ولذلك كانت عقوبة القذف والسب شديدة وصارمة. فالقذف كما ذكرنا، يعني اتهام الإنسان بالفاحشة دون دليل، أما السب فهو التعدي بالألفاظ المهينة على الشخص.
الفرق بين عقوبة القذف والسب في الإسلام
وفيما يلي الفرق بين العقوبتين:
عقوبة القذف
عقوبته حدّية، أي لا يجوز إسقاطها أو التهاون فيها، وتتمثل في الجلد ثمانين جلدة، إذا لم يأت القاذف بأربعة شهود على دعواه.
عقوبة السب
لا يُعد من الحدود، بل هو من باب التعزير، ويترك تقدير العقوبة فيه للقاضي حسب ما يراه مناسبًا لحجم الإهانة والضرر.
وقد نهى النبي محمد عن السب والشتم، فقال: “سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر” [رواه البخاري ومسلم]. وهذا يدل على أن الإسلام لا يسمح بأي نوع من الاعتداء اللفظي، مهما كان السبب.
حكم القذف في أعراض الناس
القذف في أعراض الناس هو انتهاك صارخ لحق من حقوقهم الأساسية، وهو الكرامة. وقد عدّه الفقهاء من الكبائر التي تستوجب التوبة والحدّ. قال ابن حجر: “إن القذف من الكبائر بالإجماع”، وهو من الفواحش التي وعد الله أصحابها بالعذاب الشديد.
وقد شددت الشريعة على أهمية الستر وعدم تتبع العورات، فقال النبي : “من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة” [رواه مسلم[.
أما من يطلق لسانه في أعراض الناس ويتهمهم بما ليس فيهم، فإنه قد ارتكب جريمة مزدوجة: ظلم الآخرين، والاعتداء على حدود الله. ويزداد الإثم إذا كان المقذوف شخصًا معروفًا بالعفة والخلق، أو إذا ترتب على القذف فتنة أو تفكك أسري أو اضطراب اجتماعي.
وينبغي التنبيه هنا إلى أن بعض الناس قد يقذفون عن غير قصد، عبر نشر إشاعة دون التحقق من صحتها. وهذا أيضًا داخل في نطاق القذف إذا احتوى النشر على اتهام صريح أو إيحاء بالفعل الفاحش. ولذلك، يجب على المسلم أن يكون حذرًا في كلامه ونقله للمعلومات.
حكم القذف عند الغضب
قد يعتقد البعض أن الغضب عذر لارتكاب بعض التجاوزات اللفظية، ومنها القذف، ولكن الشريعة لا تعفي الإنسان من المسؤولية بمجرد الغضب، خاصة إذا ترتب على كلامه ضرر كبير.
حكم القذف عند الغضب أنه محرم ويستوجب العقوبة، إلا إذا ثبت أن الغضب أفقد الإنسان إدراكه تمامًا، بحيث أصبح لا يعي ما يقول، وهذا نادر جدًا. فالغالب أن الغضب لا يمنع التمييز، وإنما يدفع إلى التسرع بالكلام. ولهذا قال العلماء: “الغضب لا يُسقط الحد إذا صدر عن صاحبه قول صريح في القذف وكان مدركًا لمعناه”.
وقد جاء في الحديث الشريف أن رجلًا قال للنبي : “أوصني”، فقال له: “لا تغضب”، فردد مرارًا، قال: “لا تغضب” [رواه البخاري]. وهذا يدل على أن الغضب هو باب كثير من المعاصي، والقذف من أخطرها.
يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة التحرش بدون دليل
في الختام، يتبين أن عقوبة قذف المحصنات ليست مجرد وسيلة للردع الفردي، بل تمثل حماية شاملة للمجتمع من الانهيار الأخلاقي والتفكك الاجتماعي. فالمجتمعات التي تنتشر فيها الاتهامات الباطلة وتفقد فيها الثقة بين الأفراد، تصبح عرضة للفتن والصراعات.
لذا، شرع الله عقوبة قذف المحصنات صارمة لهذه الجريمة، واهتم القانون السعودي بتطبيقها بما يحفظ الحقوق ويضمن الأمن المجتمعي. وقد حان الوقت ليدرك الجميع خطورة الكلمة وتأثيرها، خاصة في عصر تكنولوجيا المعلومات، حيث تنتشر الكلمات بسرعة كبيرة.
فلنحذر من ظلم الآخرين في أعراضهم، ولنتقيد بما أمر الله به من التثبت والستر والتقوى، فكل كلمة تُقال تُسجل، وكل عرض يُمس ظلمًا له عند الله حساب.
أسئلة شائعة
ما هو الجزاء المترتب على قذف المحصنات؟
الجزاء الشرعي على قذف المحصنات هو حد القذف، وتتضمن عقوبة قذف المحصنات ثلاث عقوبات مترتبة:
- الجلد ثمانين جلدة للقاذف إن لم يأتِ بأربعة شهداء.
- ردّ شهادته وعدم قبولها أمام القضاء.
- الحكم عليه بالفسق ما لم يتب.
وهذا الجزاء ورد في القرآن الكريم صراحة في سورة النور، وهو عقوبة رادعة لحماية أعراض العفيفات من الطعن والافتراء.
ما هي العقوبة المقررة للقذف في المملكة العربية السعودية؟
العقوبة المقررة لقذف أي شخص – رجلًا كان أو امرأة – في المملكة العربية السعودية تعتمد على ثبوت الجريمة وشروطها، وهي:
- الجلد 80 جلدة كحد شرعي إذا لم يأت القاذف بأربعة شهداء.
- السجن لمدة تقديرية قد تصل إلى سنة أو أكثر في حالات تعزيرية، خاصة إن ترتب على القذف أذى نفسي أو اجتماعي كبير.
- الغرامة المالية قد تصل إلى 500,000 ريال في بعض الحالات، خاصة إذا تم القذف إلكترونيًا، استنادًا إلى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ما هي عقوبة سب المحصنات الغافلات في النظام السعودي؟
سب المحصنات الغافلات يُعد من أشد أنواع القذف خطورة، لأنه يتوجه إلى نساء عفيفات لم يظهر منهن شيء يُريب. وعقوبة قذف المحصنات في النظام السعودي تشمل:
- حد القذف: الجلد 80 جلدة إذا وُجد القذف الصريح.
- السجن لمدة تقديرية تختلف حسب حيثيات القضية.
- غرامة مالية وتعويض للضحية عن الأضرار النفسية والاجتماعية.
وفي حال كان السب عبر الإنترنت، يُعد جريمة معلوماتية، وقد تتضاعف العقوبة لتشمل السجن والغرامة معًا.
ويُراعى في الحكم درجة السب، ووضوح الألفاظ، ووسيلة الإرسال، والأثر الذي خلّفته الجريمة على الضحية.
للتواصل مع أفضل محامي في مكة ، وطرح ما لديك من تساؤلات عليه لا تتردد بالتواصل معنا
المصادر: